تحالف دول الساحل يحقق تطلعات الشعوب الإفريقية ويمهّد الطريق أمام أعضاء جدد للانضمام

بقلم / عائد عميرة. صحفي تونسي

تحالف جديد قوي عنوانه الاستقلال وصون السيادة، ضرب القارة السمراء بعد أن رآها شعوب هذا التحالف محتلة اقتصاديًا وثقافيًا، فقطعت ثلاثة دول واقعة في منطقة الساحل الوسطى التي مزقتها موجات التمرد في غرب أفريقيا، العلاقات العسكرية مع الحلفاء القدامى مثل فرنسا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وشكلت اتفاق تعاون يعرف باسم تحالف دول الساحل.

في سبتمبر/أيلول 2023 وقّعت كلٌّ من مالي وبوركينا فاسو والنيجر على ميثاق ليبتاغو-غورما لإنشاء إطار جماعي للتعاون والدفاع المشترك، أُطلق عليه اسم ” تحالف دول الساحل”.

وقد شهدت هذه الدول الثلاث التي تقع في منطقة الساحل بغرب أفريقيا سلسلة من الانقلابات، كان آخرها انقلاب النيجر في 26 يوليو/تموز 2023، وكانت تلك الانقلابات ومواقف أصحابها سببا في توتر العلاقات مع باريس، حتى طُردت قواتها وسفرائها من المنطقة.

بينما سعت نظيرتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، الخاضعة لليهمنة الفرنسية لكبح جماح الدول المتحالفة، من خلال فرض عقوبات على هذه البلدان التي تحارب الإرهاب، مما أدى إلى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي فيها وأضعفت من قدراتها على التصدي للإرهاب.

واتسمت سياسة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في السنوات الأخيرة بالتراجع عن الأهداف المعلنة للمنظمة وبسياسة أكثر عدوانية تجاه أعضائها، حيث اعتبر أيضًا فرض العقوبات على بوركينا فاسو ومالي والنيجر ردا على انسحابها من التحالف تعبيرًا واضحا عن رفض فكرة الإستقلال عن الهيمنة الفرنسية والعمل من أجل وضع استراتيجية تنموية مستقلة.

ومن جهته رأى الباحث والمحلل السياسي والأستاذ بالجامعة التونسية الأمين البوعزيزي أن فرنسا “لا تزال تتعامل مع ما يعرف بمستعمراتها السابقة باعتبار أنها مستعمرات قديمة حتى إنّ لديها وزارة حتى اليوم تسمّى وزارة المستعمرات القديمة، فتتعامل مع إفريقيا إلى اليوم على أنها مجالها الحيوي ومستعدة في أيّ لحظة للتدخل بالسلاح لإسقاط أنظمة وتنصيب أخرى دفاعاً عن نهبها للقارة الإفريقية على حدّ قوله”.

ولفت البوعزيزي إلى أن فرنسا مازالت تتعامل مع مختلف الدول الإفريقية لا دول الساحل وجنوب الصحراء فقط على أساس أنها دول متخلّفة، وامتداد طبيعي لنفوذها، وتسعى لتثبيت مصالحها والحفاظ عليها على حساب شعوب هذه الدول.

ورغم أن التحالف الثلاثي جاء في وقت شهدت فيه النيجر تهديدات متصاعدة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس”؛ فإن دوره لم يقتصر على مواجهة المجموعة فحسب، وإنما شمل التعاون العسكري والأمني للوقوف في وجه الجماعات المسلحة، التي تعدّ منطقة الساحل مرتعا لمجنديها.

واعتبرت مبادئ التحالف وخططه الشعبوية والاستقلالية أشعل سلسلة من التقاربات بين دول إفريقية أخرى، قد تمهّد الطريق أمام توسيعه وضم اعضاء جدد إلى التحالف.

حيث يتوقع العديد من المراقبين أن جمهورية السنغال تسير على خطى الاستقلال وحتى الانضمام إلى تحالف دول الساحل أيضًا، خصوصًا بعد تحقيق مرشح المعارضة فوزًا تاريخيًا ساحقًا في الانتخابات، كونه أصغى إلى تطلعات الشعب السنغالي، ووعد ناخبيه بـ”إعادة تأسيس” السنغال.

.وأكدوا بأن تشاد بدورها التي تسير بنفس الخطى، ، فهي بدأت بالفعل إلى حد ما في تنفيذ مسارها المستقل نحو تحديث الاقتصاد والسياسة والجيش، وتقترب من إجراء انتخابات رئاسية ينوي مرشحوها تحقيق مطالب الشعب في الاستقلال وفرض السيادة على السياسات الخارجية والداخلية للبلاد.

عائد عميرة. صحفي تونسي

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •