انقطاع الإنترنت في تشاد يثير الجدل: هل شركات الاتصالات مذنبة أم هناك أسباب أخرى؟ (تقرير)”

تكنولوجيا- انجمينا – – متابعات وتقارير – اعداد / بكري محمد

  • عاشت شبكة الاتصالات في تشاد، لا سيما خدمات شركة “آرتيل”، انقطاعاً واسعاً جديداً يوم السبت الماضي، 26 أكتوبر، مما زاد من استياء المواطنين وتسبب في شلل شبه كامل في الاتصالات.
  • هذا الانقطاع، الذي يعد الثاني من نوعه خلال أسبوعين، شمل جميع الخدمات بما في ذلك المكالمات والرسائل النصية وخدمات الإنترنت، مما أثر بشكل كبير على حياة المواطنين وأعمالهم.
  • وعبر منصات التواصل الاجتماعي، عبّر المستخدمون عن غضبهم واستيائهم من هذه الانقطاعات المتكررة وغير المبررة، مطالبين الجهات المعنية باتخاذ إجراءات حاسمة لضمان استمرارية الخدمة وتحسين جودتها.

من جهتها، أكدت هيئة تنظيم الاتصالات الإلكترونية والبريد (ARCEP) في بيان لها التزامها بضمان جودة الخدمات المقدمة للمشتركين، مشيرة إلى أنها تتابع الوضع عن كثب.

أسباب الانقطاع و تداعياته:

لم تفصح الشركة المشغلة “آرتيل” أو هيئة تنظيم الاتصالات عن الأسباب الدقيقة وراء هذا الانقطاع المتكرر، إلا أن خبراء يرون أن هشاشة البنية التحتية للاتصالات في البلاد، والتي تعتمد بشكل كبير على دول الجوار، هي السبب الرئيسي وراء هذه المشاكل المتكررة.

حيث تفسر السلطات هذه الانقطاعات على أنها دليل على “سوء النية” أو “تعطيل في عمل الحكومة”. في المقابل، يشكك المشتركون في أن الحكومة تهدف إلى تقييد الوصول إلى الإنترنت لأسباب أمنية.

في 15 أكتوبر، عند الساعة 10:15 صباحًا، انقطع الإنترنت مما أدى إلى غرق 4.18 مليون مستخدم تشادي في ظلام رقمي استمر حتى الساعة 9:30 صباح يوم الأربعاء 16 أكتوبر. ولمنع تكرار هذه الانقطاعات، تضغط الدولة على شركات الاتصالات لتحسين خدماتها.

وطلب رئيس الوزراء، اللا ماي هلنا، في وقت سابق من هذا الشهر اتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين جودة خدمات الاتصالات. كما أصدر تعليمات للوزير المكلف بالاتصالات لحل هذه المشاكل المتكررة. من جانبها، طالبت الهيئة التشادية لتنظيم الاتصالات والبريد (ARCEP) المشغلين بتنفيذ الإجراءات اللازمة لتعويض المتضررين، لا سيما من خلال منح رصيد إضافي للإنترنت.

تأتي هذه التصريحات في ظل سلسلة من الانقطاعات التي شهدتها تشاد منذ بداية العام. ففي 20 أغسطس، واجهت البلاد انقطاعًا استمر ثلاث ساعات، بالإضافة إلى اضطرابات أخرى متفاوتة الطول في فبراير ومايو ويونيو. وذكرت رئاسة الوزراء في بيان نشر على فيسبوك في 16 أكتوبر أن “المستهلكين يتعرضون منذ فترة للاستغلال بسبب سوء جودة شبكة الاتصالات، ولا سيما الانقطاعات المفاجئة لخدمة الإنترنت، مما يؤثر سلبًا على الأنشطة الاجتماعية والمهنية والاقتصادية في البلاد”.

تأتي هذه التصريحات في ظل سلسلة من الانقطاعات التي شهدتها تشاد منذ بداية العام

.”سوء نية ام مشاكل تقنية “

أكد رئيس الوزراء على التقصير الجسيم لشركات الهاتف المحمول في الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في دفتر الأعباء. ويرى أن هذه الأخطاء دليل على “سوء نية”، بل محاولة “لتخريب عمل الحكومة”، خاصة وأن “المشتركين يعتقدون أن الحكومة هي التي تقطع الإنترنت لأسباب أمنية”.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تشاد دولة غير ساحلية، مما يعني أنها لا تمتلك وصولاً مباشراً إلى الكابلات البحرية الدولية. وللتصل بالإنترنت العالمي، تعتمد على الترابط البري مع جيرانها الساحليين مثل الكاميرون والسودان، وهما بدورهما متصلان بهذه الكابلات. إلا أن هذه الدول تواجه مشاكل خاصة بها تؤثر سلبًا على جودة الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات المحلية.

في الكاميرون، يعاني العمود الفقري الوطني للألياف البصرية من تدهور مستمر، مما يتسبب في انقطاعات متكررة واضطرابات منتظمة في شبكة الإنترنت. كما أن هذه البنية التحتية معرضة لأعمال التخريب، مما يزيد من تفاقم الوضع. وفي السودان، أدى النزاع المسلح المستمر منذ أبريل 2023 إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية للاتصالات، مما يهدد جودة وتوفر الخدمات. بل إن شركات الاتصالات كانت عاجزة عن تقديم أي خدمة بين فبراير ومايو 2024.

إيجاد الحلول المناسبة

يطالب المشغلون التشاديون للهاتف المحمول بإيجاد حلول مناسبة للوفاء بالتزامهم بضمان “خدمة إنترنت متواصلة على مدار 24 ساعة”. ويتضمن ذلك على وجه الخصوص “إنشاء حلول احتياطية”.

لضمان استمرارية خدمة الإنترنت، يمكن للحكومة والمشغلين للاتصالات في تشاد تنويع الروابط البرية للبلاد مع دول الجوار المزودة بكابلات بحرية. وتوصي الجمعية العالمية لمشغلي الاتصالات النقالة (GSMA) أيضًا باللجوء إلى الحلول القائمة على الأقمار الصناعية والتي يمكنها الحفاظ على الخدمة في حالة تعطل الشبكات البرية.

وقد أعلنت زيمبابوي، وهي دولة غير ساحلية مثل تشاد، في مارس 2024 أنها تدرس إقامة شراكات مع عدة مقدمي خدمات إنترنت عبر الأقمار الصناعية للحد من اعتمادها على جيرانها. وفي سبتمبر 2024، أطلقت شركة ستارلينك الأمريكية المملوكة للملياردير إيلون ماسك عملياتها التجارية في زيمبابوي .

وفي تشاد، حيث كانت شركة استفرلينك تخطط لبدء عملياتها التجارية في البلاد قبل نهاية العام الجاري. إلا أن هذا المشروع يواجه تحديات تنظيمية قد تؤخر أو تعرقل إطلاقه.ورغم الشهرة التي اكتسبتها ستارلينك في تشاد، حيث استخدمها العديد من المواطنين بشكل غير رسمي، إلا أن الهيئة التشادية لتنظيم الاتصالات والبريد (ARCEP) كانت قد أصدرت تحذيراً في سبتمبر 2023 بشأن تسويق واستخدام معدات ستارلينك في البلاد دون الحصول على التراخيص اللازمة.
.
عائق أمام التحول الرقمي

يمكن أن تؤدي مشاكل توافر خدمات الإنترنت التي تعاني منها تشاد إلى إبطاء خطط التحول الرقمي للبلاد. ففي سبتمبر 2024، وافق البنك الدولي على قرض بقيمة 92.2 مليون دولار من المؤسسة الدولية للتنمية (IDA) لدعم تنفيذ المشروع الوطني للتحول الرقمي. ويركز المشروع على تحسين وصول السكان التشاديين إلى الإنترنت عريض النطاق، وتطوير واعتماد الخدمات العامة الرقمية.

“موف أفريقيا تعتمد دفتر شروط جديد

وفي مواجهة الشكاوى العديدة المتعلقة بجودة خدمات الاتصالات في تشاد، قررت الحكومة اتخاذ تدابير جديدة. والهدف هو تلبية التوقعات المتزايدة للمستهلكين بشكل متزايد.

أعلنت الهيئة التشادية لتنظيم للاتصالات الالكترونية والبريد (ARCEP) يوم الخميس 24 أكتوبر، عن تجديد دفتر شروط مشغل الهاتف المحمول والثابت والإنترنت لـ شركة “موف أفريقيا”. وتأتي هذه المبادرة لتلبية التوقعات العديدة للمستهلكين، مع التركيز بشكل خاص على تحسين جودة الخدمة وتنويع العروض وتوسيع مناطق تغطية الشبكة في جميع أنحاء البلاد.

وفي بيان صدر بهذا الشأن، أكدت الهيئة التزامها بمراقبة تنفيذ الالتزامات الجديدة المفروضة على المشغل عن كثب. وذكرت الهيئة أن “الهيئة ستحرص على الالتزام الصارم بالالتزامات الواردة في دفتر الشروط الجديد حتى يتمكن المستهلكون من الاستفادة منها بشكل كامل والرضا عنها”. ومع ذلك، لم يتم ذكر أي شيء عن حالة المشغل ” إيرتل،” وهي شركة أخرى رئيسية في القطاع، والتي لا تزال تحت رادار السلطات بسبب المشاكل نفسها.

“ويأتي هذا القرار بعد عدة أشهر من الشكاوى المتعلقة بتدهور جودة خدمات الاتصالات، خاصة فيما يتعلق بالإنترنت، مع انقطاع كامل للاتصالات، لا سيما بين 15 و16 أكتوبر الماضي. .

ويأتي هذا القرار بعد عدة أشهر من الشكاوى المتعلقة بتدهور جودة خدمات الاتصالات، خاصة فيما يتعلق بالإنترنت، مع انقطاع كامل للاتصالات، لا سيما بين 15 و16 أكتوبر الماضي. .

وشهد قطاع الاتصالات في تشاد، الذي يتسم بأعطال متكررة، إدانة إيرتل بالفعل بغرامة قدرها 5 مليارات فرنك أفريقي (حوالي 8 ملايين دولار) في عام 2023، لعدم احترام التزاماتها الاستثمارية.

ويتضمن دفتر الشروط الجديد لشركة الاتصالات “مووف افريكا” عدة محاور استراتيجية. بالإضافة إلى جودة الخدمة، يهدف إلى تعزيز البنية التحتية للاتصالات في المناطق الريفية التي غالبًا ما تكون غير مؤهلة للخدمة. ويتعين على المشغل أيضًا الاستثمار في تقنيات أكثر كفاءة، مثل الجيل الرابع، والتحضير لإطلاق الجيل الخامس في المستقبل، لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمستهلكين فيما يتعلق بالاتصال.

تشاد واحدة من أقل البلدان تقدماً في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أفريقيا.

تشاد واحدة من أقل البلدان تقدماً في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أفريقيا.

وللتذكير، لا تزال تشاد واحدة من أقل البلدان تقدماً في مجال تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أفريقيا. ووفقًا لتقرير “مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لعام 2024” الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، فإن البلاد تسجل معدل انتشار للإنترنت يبلغ 12.2% فقط، بينما يصل معدل انتشار الهاتف المحمول إلى 38.9%. ويصنف التقرير تشاد أيضًا في آخر الترتيب في أفريقيا (المرتبة 47 من أصل 47)، مع تحقيقها درجة 21.3 من أصل 100 فيما يتعلق بتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

من جهة أخرى، يصنف قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة تشاد في المرتبة 189 عالميًا من أصل 193 دولة فيما يتعلق بتطوير الحكومة الإلكترونية بحصولها على درجة 0.1785 من أصل 1. ووفقًا للمؤسسة، فإن هذا التصنيف “يعكس وجود فجوات كبيرة في البنية التحتية الرقمية والخدمات عبر الإنترنت وتطوير رأس المال البشري، الأمر الذي يتطلب اهتمامًا عاجلاً”.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة انتشار الإنترنت في تشاد يبلغ 12.2%، مقارنة بـ 38.9% للهاتف المحمول وفقًا لتقرير “مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 2024″ الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات. ويصنف التقرير نفسه البلاد في المرتبة 47 من أصل 47 دولة في إفريقيا من حيث مستوى تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بحصولها على درجة 21.3 من أصل 100.”

مستهلكو تشاد يطالبون بتحسين جودة خدمات الاتصالات

  • يزداد الضغط على السلطات التنظيمية في تشاد لتشديد الرقابة على شركات الاتصالات وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمشتركين.

وقد عبرت جمعية مشغلي الهواتف المحمولة العالمية (GSMA) عن أهمية جودة الخدمة في حماية حقوق المستهلكين وتعزيز التجربة الرقمية، مؤكدة على دورها في تحفيز المنافسة في السوق.

وفي السياق التشادي، تشهد سوق الاتصالات منافسة شرسة بين الشركتين الكبيرتين “آرتيل” و”موف أفريقيا”، حيث أعلنت الأخيرة عن بلوغ عدد مشتركيها 6.7 مليون مشترك في الربع الثالث من عام 2024، مما يمنحها حصة سوقية تبلغ 55%.

بكري محمد / انجمينا
البريد الالكتروني: bakry20@gmail.com

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.