الإسلام هو منهج حياة شامل، حيث يجعل الإنسان محور تعاليمه، ويشمل الأرض التي يسكنها، والمياه، والكائنات الحية، والبيئة، والهواء، وكل ذلك يتجلى بوضوح في التعاليم الإسلامية.
إن جوهر العبادات في الإسلام يكمن في الحفاظ على إنسانية الإنسان، وبناء مجتمع متفائل، نشيط، ومسالم، مما يؤدي إلى إصلاح البلاد وتجديدها.
الصلاة والإصلاح
يقول الله تعالى في القرآن الكريم، في سورة العنكبوت، الآية 45:
“إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ”
أي أن الهدف الأساسي من الصلاة هو إبعاد الإنسان عن الفحشاء والمنكر.
لو كان هناك قرية تتألف من مئة عائلة، وفي كل عائلة يصلي رجلان في المسجد، فإن عدد المصلين سيصل إلى مئتي شخص. وإذا انعكست آثار الصلاة في حياتهم وسلوكهم، ألن تصبح هذه القرية جنة على الأرض؟
الصيام وسيلة لتطهير الإنسان والمجتمع
أما الصيام، فقد فرضه الله لتطهير الإنسان روحيًا وأخلاقيًا. فهو يجعل الإنسان أكثر رحمة وسعة صدر، ويعلمه الصبر، والإحساس بجوع الآخرين، والتخلص من الأحقاد، وتمني الخير للغير أكثر مما يتمناه لنفسه.
الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو وسيلة لتكوين إنسان صالح، متسامح، محب للآخرين، يعيش في مجتمع يسوده الاحترام المتبادل، وتملؤه الطمأنينة، وتكون فيه البيوت آمنة.
يجب أن يكون شهر رمضان شهرًا للتسامح والغفران. ينبغي للإنسان أن ينسى أي إساءة تعرض لها، وأن يطلب العفو من الآخرين عن أي أذى قد ألحقه بهم. كما ينبغي عليه أن يتذكر كل من قدم له معروفًا، فيشكره، وفي المقابل، ينسى ما قدمه هو للآخرين من إحسان.
رمضان هو فرصة لإعادة وصل العلاقات المقطوعة، لأن قطع الأرحام من الأمور التي تمنع الإنسان من دخول الجنة، كما جاء في الحديث النبوي:
*“لا يدخل الجنة قاطع رحم”* (رواه مسلم).
بصلاح الإنسان تصلح البلاد
إن إصلاح البلاد يبدأ بإصلاح الإنسان، فبصلاح البشر يعم الخير في المجتمع. إذا اعتبرنا رمضان شهر زرع المحبة في العلاقات الإنسانية، فإن الحياة ستصبح أكثر راحة وسلامًا.
قال النبي ﷺ: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، *، وقال أيضًا: **”أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة حسن الخلق”.
لتحقيق الازدهار في أي بلد، يجب أولًا أن يكون لدينا أناس طيبون، فالتطور المادي وحده لا يكفي. الإنسان الذي يعيش في كوخ صغير ولكن قلبه واسع بالحب والخير، أفضل من شخص يسكن في قصر لكنه ضيق القلب والمشاعر.
إن الصيام ليس مجرد شعيرة دينية، بل هو وسيلة لبناء إنسان صالح ومجتمع متماسك، فإذا صام الناس كما أراد الله، فإن ذلك سينعكس على المجتمع بأكمله، وستتحول البلاد إلى مكان يعمه الخير والسلام.
بقلم ابراهيم ابوبكر كامل ثقافي -كيرلا -الهند
