اقتصاد – الخبر نيوز: لا تزال تغطية الواردات في دول المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا (سيماك) غير كافية، حيث لم تتجاوز 4.3 أشهر، لكن صندوق النقد الدولي أعرب عن تفاؤله بقدرة المنطقة، التي تضم تشاد، الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطى، الغابون، غينيا الاستوائية، والكونغو، على تعزيز استقرار عملتها المحلية (الفرنك الأفريقي – XAF) مقابل اليورو. ومع ذلك، تواجه المنطقة تحديات كبيرة، أبرزها تراجع الإنتاج النفطي، مما يؤثر سلبا على احتياطياتها الأجنبية ويحدّ من قدرتها على الاقتراض الكبير .
تفاؤل رغم الصعوبات
أعرب مجلس إدارة صندوق النقد الدولي عن ثقته في قدرة الإصلاحات التي تقودها المؤسسات والدول الأعضاء في منطقة “سيماك” على تحسين قيمة أصولها الخارجية الصافية بين مارس ويونيو 2025، وفقًا لبيان صادر عن المؤسسة يوم الأربعاء 26 فبراير 2025. وتعد قوة هذه الأصول عاملًا أساسيًا في ضمان استقرار سعر الصرف بين الفرنك الأفريقي (XAF) واليورو.
تفاؤل رغم العقبات
جاء هذا التقييم الإيجابي رغم أن البنك المركزي لدول وسط أفريقيا (BEAC) لم يحقق بعد المستوى المطلوب من الأصول الخارجية الصافية لتعزيز الاستقرار المالي. وفقًا للأدبيات الاقتصادية، تمثل الأصول الخارجية الصافية الفرق بين الأصول المالية التي يمتلكها المقيمون في الخارج والالتزامات المالية للمقيمين الأجانب تجاه ذلك البلد. بمعنى آخر، تقيس هذه الأصول المركز المالي الصافي للدولة بالنسبة إلى التزاماتها الدولية.
وفي محاولة لحماية الاستقرار الخارجي، تم عقد اجتماع طارئ في ديسمبر 2024 في ياوندي، عاصمة الكاميرون وأكبر اقتصاد في منطقة “سيماك”، لاتخاذ إجراءات تصحيحية لمنع تدهور قيمة العملة. ويركز صندوق النقد الدولي في تقييمه للموقف الخارجي على عدة مؤشرات، من بينها فترة تغطية الواردات من خلال الاحتياطيات بالعملات الأجنبية.
تحديات في تغطية الاحتياطيات وضعف الإنتاج
بشكل عام، يُفترض أن تغطي الاحتياطيات الأجنبية ما لا يقل عن ثلاثة أشهر من الواردات، ولكن بالنسبة للدول الغنية بالموارد الطبيعية، مثل دول “سيماك”، يُحدد المعيار عند خمسة أشهر. ومع ذلك، تشير البيانات الأولية التي جمعها الصندوق إلى أن المنطقة أنهت عام 2024 بمستوى تغطية يبلغ 4.3 أشهر فقط، مع ضعف القدرة على تعزيز هذه الاحتياطيات.
وتستمر أسعار النفط الخام في الانخفاض، مما يزيد من الضغوط على الإنتاج المتراجع. في الوقت نفسه، تبقى أسعار المنتجات النفطية مثل البنزين والديزل مرتفعة في الأسواق الدولية، حيث تعتمد المنطقة على الاستيراد بسبب توقف أو قصور في تشغيل بعض المصافي، كما هو الحال في الكاميرون.
ضغوط مالية وخيارات محدودة
تواجه حكومات “سيماك” ضغوطًا لاستعادة التوازن المالي، إذ يتعين عليها سداد المتأخرات المالية دون تراكم ديون جديدة، مما يحد من قدرتها على دعم الصادرات من خلال الإنتاج أو تطوير البنية التحتية. ورغم أن متوسط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة يبلغ 50.9%، وهو أقل من النسب المسجلة في بعض الدول الأكثر تقدمًا التي تتجاوز 100%، إلا أن دول “سيماك” لا تستطيع الاستفادة المثلى من الاقتراض الخارجي.
بالنسبة لدولة مثل الكاميرون، التي تخضع لبرنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي، فإن جزءًا من هذه الإصلاحات يفرض قيودًا على حجم الديون الجديدة. حتى لو سعت الدول إلى الاقتراض من الخارج، فإن الشروط تظل صارمة، والتقييمات السلبية من وكالات التصنيف الائتماني تعقد الأمور أكثر. وقد منحت وكالة “ستاندرد آند بورز” (S&P Global Ratings) كلًا من تشاد والكاميرون تصنيفًا مستقرًا، لكنها اعتبرت اقتصادات المنطقة ذات طبيعة مضاربة، مما يزيد من صعوبة الحصول على تمويل بشروط ميسرة.
2025: عام اقتصادي صعب
من المتوقع أن تكون سنة 2025 عامًا معقدًا بالنسبة للمنطقة، خاصة في ظل الوضع المالي للكاميرون، حيث يجب عليها سداد 250 مليون دولار في نوفمبر 2025 كجزء من سنداتها الأوروبية السابقة. كما أن الانتخابات الرئاسية المرتقبة في البلاد تعدّ لحظة حساسة بالنسبة للسياسات الاقتصادية، في ظل تعرض البنوك لمخاطر كبيرة بسبب ارتفاع نسبة تمويلها لحكومات دول تعاني من صعوبات في سداد ديونها. وتشير البيانات إلى أن أكثر من 60% من تعرض البنوك في المنطقة مرتبط بالدول الأعضاء، التي تواجه بعضها مشكلات في السداد.
مستقبل غير واضح وحلول معقدة
مع ضعف القطاع الإنتاجي، وعدم كفاية الاحتياطيات الأجنبية، واستمرار العجز المالي حتى عام 2029، لا تزال منطقة “سيماك” تواجه أزمة اقتصادية مستمرة. ورغم أن الحلول المطروحة تبدو صعبة، فإن التحدي الأساسي يتمثل في إيجاد مصادر تمويل جديدة في ظل ضعف القدرة على تعبئة ديون طويلة الأجل، وهو ما عانت منه العديد من الاقتصادات في الأزمات العالمية الأخيرة.
