الخبر نيوز – في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقلالية المالية للقارة، أعلن الاتحاد الأفريقي عن خطط لإطلاق وكالة تصنيف ائتماني أفريقية بحلول النصف الثاني من عام 2025. يأتي هذا القرار استجابةً لانتقادات واسعة من قبل القادة الأفارقة، الذين يعتبرون أن وكالات التصنيف الائتماني الدولية الكبرى (موديز، فيتش، وستاندرد آند بورز) تمارس انحيازًا سلبيًا في تقييمها لمخاطر الائتمان في الدول الأفريقية، مما يحرمها من الوصول إلى التمويل الدولي بأسعار معقولة.
ووفقًا لتقرير صادر عن الآلية الأفريقية للتقييم الذاتي (MAEP)، وهي هيئة تابعة للاتحاد الأفريقي تعنى بتقييم أداء الدول الأعضاء في مجال الحوكمة، فإن الوكالة الجديدة ستكون “إحدى المؤسسات المالية الرئيسية التي ستسهم في تحقيق التوازن في موقع القارة ضمن النظام المالي العالمي”.
تقييمات “تعسفية” تكبد أفريقيا خسائر بمليارات الدولارات
أشار التقرير، الذي حمل عنوان “توقعات التصنيف الائتماني السيادي لأفريقيا – مراجعة نهاية عام 2024″، إلى أن الوكالة الجديدة ستكون كيانًا مستقلًا يديره القطاع الخاص، وسيتميز بقدرته على تقديم تقييمات أكثر دقة وشمولاً تعكس الواقع الأفريقي. وسيعتمد على خبراء محليين والوصول ألي افضل فضل البيانات، مما يسمح بتقديم صورة أوضح عن المخاطر والفرص في الأسواق الأفريقية.
يأتي هذا الإعلان بعد سنوات من الجدل حول منهجيات التقييم التي تتبعها الوكالات الدولية الكبرى، والتي يتهمها العديد من الخبراء بتقييم الاقتصادات الأفريقية بانحياز سلبي، مما يؤدي إلى رفع تكلفة الاقتراض وإغلاق أبواب التمويل أمام بعض الدول.
دعوات لإنهاء “الظلم” في التقييمات الائتمانية
كان الرئيس السنغالي السابق، ماكي سال، قد دعا خلال رئاسته الدورية للاتحاد الأفريقي في مايو 2022 إلى إنشاء وكالة تصنيف أفريقية لمواجهة ما وصفه بـ”الظلم” في التقييمات الدولية. وأشار إلى أنه في عام 2020، شهدت 18 دولة أفريقية من أصل 32 تم تصنيفها من قبل الوكالات الكبرى تخفيضًا في تصنيفها الائتماني، بينما كان المتوسط العالمي للتخفيضات 31% فقط.
وأضاف سال أن “20% من معايير التقييم تعتمد على عوامل ذاتية، مثل الثقافة واللغة، دون أي صلة بالمعايير الاقتصادية الفعلية”، مؤكدًا أن هذا الانحياز يزيد من تكلفة الاقتراض على الدول الأفريقية.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: خسائر أفريقيا تقدر بـ 74 مليار دولار
في أبريل 2023، كشف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) في تقرير له أن أساليب التقييم التي تتبعها الوكالات الدولية الكبرى كبدت أفريقيا خسائر تقدر بـ 74 مليار دولار، بسبب فقدان فرص تمويلية مهمة. وأشار التقرير إلى أن منهجيات التقييم الحالية لا تأخذ في الاعتبار الخصائص الفريدة للاقتصادات الأفريقية، مما يؤدي إلى تقييمات غير دقيقة.
ردود الوكالات الدولية
من جانبها، نفت الوكالات الدولية الكبرى (موديز، فيتش، وستاندرد آند بورز) أي تحيز في تقييماتها، مؤكدة أنها تتبع نفس المعايير في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء أن إنشاء وكالة تصنيف أفريقية سيكون خطوة مهمة نحو تحقيق عدالة أكبر في التقييمات الائتمانية، وتعزيز فرص القارة في الوصول إلى التمويل الدولي.
وكالات التصنيف الائتماني تلعب دورًا محوريًا في الأسواق المالية العالمية، حيث تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات مستنيرة. ومع ذلك، فإنها تواجه تحديات تتعلق بالشفافية والإنصاف، خاصة في تعاملها مع الاقتصادات النامية. إنشاء وكالات تصنيف إقليمية، مثل الوكالة الأفريقية المزمع إطلاقها، قد يسهم في تحقيق توازن أكبر في التقييمات الائتمانية.
وكالات التصنيف الائتماني، بما في ذلك دورها، أهميتها، وكيفية عملها.
–
ما هي وكالات التصنيف الائتماني؟
وكالات التصنيف الائتماني هي مؤسسات مالية مستقلة تقوم بتقييم الجدارة الائتمانية للحكومات (الدول)، والشركات، والأوراق المالية (مثل السندات). تهدف هذه التقييمات إلى تقديم صورة واضحة للمستثمرين حول مستوى المخاطر المرتبطة بإقراض الأموال لهذه الكيانات.
أهم وكالات التصنيف الائتماني العالمية
هناك ثلاث وكالات رئيسية تهيمن على سوق التصنيف الائتماني عالميًا، وتُعرف باسم “الثلاثة الكبار”
- موديز (Moody’s): تأسست في الولايات المتحدة عام 1909، وتستخدم نظام تصنيف يعتمد على الحروف (مثل Aaa، Baa، Caa).
. - ستاندرد آند بورز (S&P Global Ratings)**: تأسست أيضًا في الولايات المتحدة، وتستخدم نظامًا مشابهًا (مثل AAA، BBB، CCC).
. - فيتش (Fitch Ratings)**: تأسست في نيويورك ولندن، وتستخدم نظام تصنيف مشابه للوكالتين السابقتين.
–
كيف تعمل وكالات التصنيف الائتماني؟
تقوم هذه الوكالات بتحليل البيانات المالية والاقتصادية للدول أو الشركات، وتقييم قدرتها على سداد ديونها. يعتمد التقييم على عدة عوامل، منها:
- الاستقرار الاقتصادي: مثل الناتج المحلي الإجمالي، ومعدلات النمو.
- السياسة المالية: مثل مستوى الدين العام والعجز المالي.
- الاستقرار السياسي: مثل وجود حكومة مستقرة وغياب الصراعات.
- السيولة المالية: قدرة الدولة أو الشركة على الوفاء بالتزاماتها المالية قصيرة الأجل.
أنظمة التصنيف الائتماني
تستخدم الوكالات أنظمة تصنيف تعتمد على الحروف للإشارة إلى مستوى الجدارة الائتمانية. بشكل عام:
- التصنيفات العالية (AAA إلى BBB): تعتبر استثمارات آمنة مع مخاطر منخفضة.
- التصنيفات المتوسطة (BB إلى B): تعتبر استثمارات ذات مخاطر متوسطة.
- التصنيفات المنخفضة (CCC إلى D) تعتبر استثمارات عالية المخاطر أو في حالة تخلف عن السداد.
أهمية التصنيف الائتماني
- للمستثمرين: يساعدهم على تقييم المخاطر المرتبطة بالاستثمار في دولة أو شركة ما.
. - للدول والشركات : يؤثر التصنيف على تكلفة الاقتراض؛ فكلما كان التصنيف أعلى، انخفضت أسعار الفائدة على القروض
. . - للسوق المالي: يوفر شفافية وثقة للمشاركين في الأسواق المالية.
انتقادات لوكالات التصنيف الائتماني
تعرضت هذه الوكالات لانتقادات واسعة، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، حيث اتُهمت بعدم دقة تقييماتها. من أبرز الانتقادات:
- الانحياز: اتهامات بانحياز التقييمات ضد الدول النامية، بما في ذلك الدول الأفريقية.
- عدم الشفافية: استخدام معايير غير واضحة في بعض الأحيان.
- التأثير السلبي: تخفيض التصنيفات يمكن أن يؤدي إلى أزمات مالية في الدول المتضررة.
وكالات التصنيف الإقليمية والمحلية
بالإضافة إلى الوكالات العالمية، توجد وكالات تصنيف إقليمية ومحلية، مثل:
- في أفريقيا: يتم العمل على إنشاء وكالة تصنيف أفريقية لمواجهة الانحياز المزعوم في التقييمات الدولية.
- في آسيا: توجد وكالات مثل “China Chengxin Credit Rating” و”Japan Credit Rating Agency”
. - في أوروبا: توجد وكالات مثل “Scope Ratings” و”DBRS”.
إعداد /بكر محمد bakry20@gmail.com
