بروكسل: في خطوة غير مسبوقة، دعا البرلمان الأوروبي، خلال جلسة عُقدت في ستراسبورغ يوم الخميس 13 فبراير، إلى تعليق فوري لاتفاقية شراكة مع رواندا، وذلك بأغلبية ساحقة بلغت 443 صوتًا مقابل 4 أصوات معارضة فقط. جاء هذا القرار بعد انتقادات واسعة من جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي اتهمت الاتحاد الأوروبي بتشجيع “نهب الموارد الطبيعية الكونغولية” من خلال دعمه لرواندا.
وكانت سلطات كينشاسا قد طالبت الأسبوع الماضي بإلغاء الاتفاقية، مؤكدة أنها تشكل مصدر توتر بين الكونغو والمؤسسات الأوروبية. وقد وجدت هذه المطالب صدى قويًا داخل البرلمان الأوروبي، حيث أيد النواب موقف السلطات الكونغولية تجاه رواندا
ضغوط دولية لوقف انتهاكات رواندا
وصف النائب الأوروبي مارك بوتينغا، الذي قاد حملة لمدة عام لتعليق الاتفاقية، القرار بأنه “انتصار”. وأضاف: “علينا استخدام هذا القرار للضغط على المفوضية الأوروبية، وإعلامها بأن سياستها فقدت الشرعية الديمقراطية. كما يجب أن نطالب الحكومات والبرلمانات الوطنية باتخاذ إجراءات فورية لوقف الانتهاكات الدولية وعدم التورط في حرب استمرت لعقود.”
من جهته، أعرب منير الساطوري، النائب الأوروبي عن مجموعة الخضر ورئيس لجنة حقوق الإنسان، عن اعتقاده بأن “الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ورواندا في مجال سلاسل توريد المواد الخام المستدامة كانت غير قابلة للدفاع منذ البداية.”
تقارير أممية تكشف استغلال الموارد الكونغولية
وكشفت تقارير للأمم المتحدة عن استغلال رواندا للموارد الطبيعية في الكونغو الديمقراطية، حيث أفادت بأن جماعة M23 المتمردة، المدعومة من رواندا، تجني ما يقرب من 800 ألف دولار شهريًا من خلال فرض ضرائب على تجارة المعادن النادرة التي يتم تهريبها إلى رواندا.
مطالب بتجميد المساعدات العسكرية والمالية
إلى جانب تعليق الاتفاقية، طالب البرلمان الأوروبي بتجميد المساعدات المالية المباشرة لرواندا حتى تلتزم بضمان وصول المساعدات الإنسانية وتقطع علاقاتها مع جماعة M23. كما دعا القرار إلى تجميد المساعدات العسكرية والأمنية المقدمة للقوات المسلحة الرواندية.
ووفقًا لمصادر مطلعة، يتم دراسة فرض عقوبات على شخصيات بارزة في الجيش الرواندي، دون الكشف عن أسمائهم حتى الآن.
رواندا ترد: الأولوية للتهديدات الوجودية
رغم هذه التطورات، تظل رواندا شريكًا استراتيجيًا للاتحاد الأوروبي في إفريقيا. ففي ديسمبر 2023، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تخصيص أكثر من 900 مليون يورو لرواندا ضمن برنامج “Global Gateway” للتنمية. كما تم تحرير 20 مليون يورو في نوفمبر الماضي لدعم القوات الرواندية العاملة في شمال موزمبيق لمكافحة التمرد الإرهابي في منطقة تعمل فيها شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية.
وردًا على الضغوط الدولية، صرح الرئيس الرواندي بول كاغامي في مقابلة مع “جون أفريك” يوم الأربعاء: “بين مواجهة تهديد وجودي ومواجهة عقوبات خارجية، سأختار دائمًا مواجهة التهديد الوجودي.”
