معلوم إنه في الحوار الوطني الشامل والسيادي، تم الاتفاق من قبل الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني، والإدارات الأهلية، أن يتم تعديلات في بعد دستور 1969م. وبالفعل تم تعديل بعد البنود في دستور 1996م، الأمر الآخر، كان هنالك بعد الكيانات السياسية في الحوار الوطني الشامل والسيادي، طالبت بالنظام الفدرالي، كنظام مناسب للحكم في تشاد. وكيانات سياسية أخرى طالبت بالنظام المركزي في الحكم، لهذا السبب في النهاية، اتفقوا بأن الموضوع الفدرالية أو المركزية في الحكم، أن يحسم أمره في الاستفتاء الشعبي على الدستور الذي تم تعديله. وأن يتم ذلك بالتصويت الشعبي للنظام المركزي بـ ” نعم ” وبالنظام الفدرالي بـ ” لا “، لهذا السبب لقد قررت الحكومة أن يكون الاستفتاء الدستوري بتصويت من قبل الشعب، في تاريخ 17/12/2023م.
الأمر الآخر، نريد أن نتحدث عنه في هذا المقال، هل النظام المركزي مناسب لحكم تشاد؟ أو النظام الفدرالي مناسب للحكم ؟ موضوع النظام المركزي مناسب؟ أم الفدرالي مناسب للحكم ؟ هذا الأمر مهم جداً للشعب التشادي، لهذا السبب كان من الواجب أن يكون هنالك توعية وتنوير عن ماذا يعني النظام الفدرالي والنظام المركزي، من قبل وسائل الإعلام الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، أن يتم التنوير باللغة العربية والفرنسية واللهجات المحلية، في وقت مبكر جداً، بسبب أن تتطلب من المواطن بتصويت بـــ” نعم” أو بــ “لا” دون أن يكون هنالك معرفة تامة، بهذا الأمر الذي يصوت من أجله بـ ” لا ” أو بـ ” نعم “،
على كل حال سوف أتحدث بشكل مبسط جداً، عن النظام المركزي والنظام الفدرالي أيهما مناسب ومفيد للشعب التشادي :
أولاً/ نبدأ بالنظام المركزي، النظام المركزي يعني أن يكون فيه إدارة شئون الحكم لحكومة مركزية. وعلى المستوى العالم، نجد أغلبية الدول في العالم تعتمد على النظام المركزي في الحكم، حيث نجد 165 دولة تعتمد على النظام المركزي في الحكم من أصل 193 دولة عضو بالأمم المتحدة، إذن هناك دول قليلة جداً على مستوى العالم تعتمد على النظام الفدرالي، بعدما تحدثنا بشكل مبسط على النظام المركزي، سوف نتحدث عن النظام الفدرالي بشكل مبسط.
النظام الفدرالي يعتبر نوع من أنواع الحكم، تكون فيه السلطة والثروة مقسمة بين الحكومة المركزية والفدرالية في الأقاليم بموجب الدستور. ونجد أن هنالك بعض أسباب مشتركة بين الدول في العالم، التي اختارت خيار النظام الفدرالي للحكم، على سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية اختارت النظام الفدرالي، بسبب كثرة سكانها حوالي 350 مليون، من الصعوبة بمكان إدارة عدد الكبير من السكان من المركز الواحد. ولهذا السبب اختارت النظام الفدرالي، لأنه مناسب للحكم.
وفي إفريقيا، نجد أن نيجيريا التي تبلغ عدد سكانها حوالي 200 مليون نسمة، قد اختارت النظام الفدرالي للحكم، بسبب زيادة عدد سكانها مثل أمريكا. ومن جانب آخر، بعض الشروط يجب أن يتوفر للدولة أن يكون نظاماً فدراليا ناجحاً، من ضمن هذا الشروط، الإمكانيات الاقتصادية، لأن تكاليف الإدارية لحكم الفدرالية باهظة الثمن من الناحية المالية. وكذلك النظام الفدرالي يحتاج إلى كوادر مؤهلة لإدارة الولايات أو الأقاليم، كذلك الفدرالية تحتاج إلى الديمقراطية حقيقية، ليس ديمقراطية شكلية، لان عدم وجود الديمقراطية الحقيقية في الحكم، النظام الفدرالي سوف يؤدي إلى حرب أهلية في الدولة، أقرب مثال لذلك دولة إثيوبيا الفدرالية، بالرغم أن أثيوبيا سكانها حوالي 110 مليون نسمة.
ولكن بسبب عدم وجود ديمقراطية حقيقية، أدت إلى حرب في إثيوبيا. وكذلك الفدرالية تحتاج إلى رغبة قوية من قبل الشعب في الوحدة الوطنية، إذا لم يكون هنالك رغبة حقيقية من قبل الشعب في الوحدة الوطنية، أو جزء من الشعب لا يرغب في الوحدة الوطنية. وفي هذا الحالة، النظام الفدرالي يساعد الانفصال، على كل حال، دولة تشاد لا يوجد الأسباب التي تجعل النظام الفدرالي مناسب ومفيد للشعب، مثل زيادة عدد السكان، مثل نيجيريا أو إثيوبيا. وكذلك لا يوجد في تشاد إمكانيات اقتصادية، لأن النظام الفدرالي يحتاج لإمكانيات اقتصادية هائلة لإدارة الأقاليم الفدرالية، بل يوجد أسباب كثيرة في حالة اختيار النظام الفدرالي للحكم في تشاد، أن يكون سبباً رئيسياً للانفصال. وكذلك يكون سبباً في الصراعات الجهوية أو المناطقية، بدلاً من الصراعات القبلية الموجودة حالياً في تشاد.
ومن الأسباب الذي يساعد في الانفصال في حالة اختيار النظام الفدرالي للحكم، عدم وجود القواسم الدينية المشتركة بين جنوب البلاد والأقاليم الأخرى. وكذلك القواسم العرقية مشتركة بين الولايات ضعيفة للغاية. وكذلك النظام الفدرالي يساعد للانفصال، بسبب عدم رغبة بعض القبائل في جنوب البلاد للوحدة الوطنية، في تقديري الذين ينادون بالتصويت في الفدرالية بـ ” لا ” أسبابهم الظاهرية تقسيم السلطة والثروة بالعدالة ومحاربة الفساد. ولكن يوجد أسباب خفية أخرى، تتمثل في الاستقطاب السياسي من أجل الانفصال في المستقبل.
أما المجموعات السياسية التي تطالب الشعب بالامتناع عن التصويت، هؤلاء أصلاً غير مؤيدين في بعض بنود الدستور التي تم تعديلها في الحوار الوطني الشامل، خاصةً في البند الذي يسمح أعضاء السلطة الانتقالية بالترشح في الانتخابات الرئاسية، بما فيهم الجنرال محمد إدريس ديبي، الرئيس الانتقالي، هؤلاء المجموعة من الكيانات السياسية، يرون بأن الامتناع عن التصويت يضعف من شرعية الدستور التي يعتمد عليه رئيس المجلس الانتقالي، بالترشح في الانتخابات الرئاسية، هذه الحسابات بالنسبة للمجموعة التي تطالب بمقاطعة الاستفتاء على الدستور، سوف يساعد في ضغوط المجتمع الدولي والإقليمي، بعدم ترشح رئيس السلطة الانتقالية في الانتخابات الرئاسية. ولكن بسبب الظروف الأمنية بالدول المجاورة لتشاد خاصة السودان، المجتمع الدولي والإقليمي لن يكون متحمساً في منع أو ممارسة الضغوط، بعدم ترشح الرئيس المجلس الانتقالي، لأن المجتمع الدولي يرى حفاظ على الأمن أهم له من الديمقراطية.
وفي الأخير، لا يجب أن يكون معارضتك للحكومة يكون دافعاً للتصويت بـ ” لا “، حيث تعتقد بأن التصويت يمنع الترشح الرئيس السلطة الانتقالية. وكذلك التصويت بـ ” لا ” حتماً سوف يساعد في تفتيت الوحدة الوطنية، لأن النظام الفدرالي لا تصلح لدولة كتشاد، لا يوجد قواسم دينية مشتركة بين الأقاليم والولايات. وكذلك القواسم العرقية المشتركة بين الأقاليم لم يكن بالشكل المطلوب لوحدة البلاد، في حالة اختيار النظام الفدرالي كنظام مناسب للحكم في تشاد.