طلائع الجنود الفرنسيين الذين غادروا النيجر تصل تشاد في ظل توتر شديد بين باريس ونيامي

في ظل تراجع الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، وصلت إلى العاصمة التشادية طلائع الجنود الفرنسيين الذين غادروا قواعدهم في النيجر وفق ما أعلنته قيادة الأركان العامة الفرنسية الخميس. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد كشف نهاية الشهر الماضي أن إتمام سحب القوات الفرنسية من النيجر سيكون بحلول نهاية العام الجاري. وقررت فرنسا إنهاء وجودها العسكري في النيجر بعد توتر شديد في العلاقات بين البلدين منذ انقلاب 26 تموز/ يوليو الماضي الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم. 

بعد أشهر من التوتر الشديد بين فرنسا ونيامي، أعلنت فرنسا الخميس أن طلائع جنودها الذين غادروا النيجر وصلت إلى عاصمة تشاد. ويشهد الوجود العسكري الفرنسي تراجعا في منطقة الساحل منذ سنة 2020. وتبنت السلطات المنبثقة عن انقلاب النيجر مواقف مناهضة لفرنسا، وكانت سببا في سحب باريس سفيرها من العاصمة النيجرية. 

وتمثل الطلائع الأولى بداية لعملية معقدة يتوقع أن تستكمل بحلول نهاية كانون الأول/ديسمبر المقبل حسب السلطات الفرنسية. وأوضح المتحدث باسم الأركان العامة الفرنسية الكولونيل بيار جوديير لوكالة الأنباء الفرنسية أن هذه القافلة غادرت النيجر “بأمان وبالتنسيق مع القوات النيجرية”.وقد “وصلت دون أي حادث يذكر” إلى انجمينا، عاصمة تشاد المجاورة، بعد عشرة أيام من السفر.وأضاف أنه سيتم تنظيم رحلات جوية من تشاد إلى فرنسا “في الأيام المقبلة”.

وبعد طرده من النيجر، اضطر الجيش الفرنسي إلى نقل معداته برا إلى تشاد ثم الكاميرون، قبل إعادتها إلى فرنسا، في رحلة تمتد ثلاثة آلاف كيلومتر يمر خلالها في مناطق معادية تضم جماعات منطرفة .وتتمركز في انجمينا قيادة العمليات الفرنسية في منطقة الساحل ونحو ألف جندي فرنسي.وأفاد العقيد جوديير بأنه تم إفراغ نصف مواقع القواعد الأمامية في ولام وأيورو (شمال غرب النيجر)، في ما يسمى منطقة “الحدود الثلاث” مع بوركينا فاسو ومالي. وبعد وصولها إلى نيامي، غادرت القافلة باتجاه الحدود التشادية.

وأكدت انجمينا في بيان “الموافقة على تأمين ممر من أراضيها لعودة القوات الفرنسية إلى فرنسا”. وفي بيان لرئيس الأركان التشادي الجنرال أبكر عبد الكريم داود صدر الاسبوع الماضي إن “القوات التشادية ستؤمن الحراسة لهذه القوافل من الحدود النيجرية إلى انجمينا وصولا إلى المطار، وإلى الحدود الكاميرونية وصولا إلى ميناء دوالا”.

وقال مصدر عسكري فرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية إن الجماعات الجهادية موجودة بشكل كبير في منطقة “الحدود الثلاث”، لكن “مستوى التهديد الأمني منخفض على الطريق” من نيامي إلى انجمينا.

تراجع الوجود الفرنسي

وبدأ الوجود الفرنسي في منطقة الساحل يتراجع منذ 2020. وأنهت انقلابات في مالي وبوركينا فاسو، وأخيرا في النيجر قوة برخان المناهضة للارهاب المنتشرة منذ 2014 في مالي، وبلغ عديدها 5500 جندي منتشرين في منطقة الساحل. وتؤجج برخان مشاعر معادية لفرنسا لدى جزء من الرأي العام الإفريقي، ما يزيد من خطر حصول تظاهرات على طول مسار القوافل. لكن العلاقات بين فرنسا وتشاد ما زالت تتسم بالهدوء.

والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء، في قصر الإليزيه الرئيس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، وناقشا “كافة القضايا الإقليمية (…) فضلا عن إعادة الموارد العسكرية إلى فرنسا”، بحسب الرئاسة الفرنسية.

وستشهد الأسابيع المقبلة استكمال انسحاب جميع القوات الفرنسية من النيجر، ويشمل الانسحاب النقل البري ثم البحري لعدد معين من المعدات الثقيلة عبر دولة ثالثة. قائد القوات الفرنسية في منطقة الساحل يؤكد تحقيق هدف “الانسحاب في 31 ديسمبر”

أعلن الجنرال إريك أوزان، قائد القوات الفرنسية في منطقة الساحل، الجمعة في نيامي، أن هدف مغادرة 1400 جندي فرنسي من النيجر “بحلول 31 ديسمبر/كانون الأول” كما أعلنه الرئيس إيمانويل ماكرون نهاية سبتمبر/أيلول، “سيتم تحقيقه”.

وأعلن الجنرال أوزان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع العقيد النيجري مامان ساني كياو، رئيس أركان القوات البرية ، أن “الهدف من الإعلانات الرئاسية بشأن المغادرة في 31 ديسمبر سيتم تحقيقه”. وقال الكولونيل مامان ساني كياو إن 282 جنديا غادروا النيجر بالفعل “اعتبارا من اليوم”.

في الطريق إلى تشاد

يجب على الجيش الفرنسي إجلاء الرجال والمعدات عن طريق البر إلى تشاد ومن ثم الكاميرون على الأرجح، قبل إعادتهم إلى فرنسا. – مسار يبلغ طوله أكثر من 3000 كيلومتر، يمر جزء منه بمناطق معادية تنشط فيها الجماعات الجهادية في بعض الأماكن. وتشهد انجمينا قيادة العمليات الفرنسية في منطقة الساحل والتي تضم نحو ألف جندي فرنسي.

وأشار الجنرال أوزان إلى أن “تشاد ليست سوى دولة عبور، وليست إعادة صياغة لنظام النيجر الخاص بنا بشأن تشاد”. غادرت أول قافلة من الجنود الفرنسيين قواعدها في النيجر برا باتجاه تشاد ووصلت الخميس إلى انجمينا عاصمة تشاد بعد عشرة أيام من السفر.

أ. ف. ب *وكالات