الامم المتحدة (أ ف ب) – أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الخميس فتح تحقيق جديد في جرائم حرب في إقليم دارفور السوداني، داعيا إلى عدم السماح لـ”التاريخ بأن يُعيد نفسه”.
وجاء إعلان كريم خان في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي، في وقت يشهد السودان حالة من الفوضى منذ ثلاثة أشهر بسبب النزاع المسلح الدائر.
ولم تسلم دارفور حيث أودت الحرب الأهلية في مطلع العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بحياة نحو 300 ألف شخص، من الفظائع. وقالت الأمم المتحدة الخميس إن جثث 87 شخصا على الأقل يُعتقد أنهم قُتلوا الشهر الماضي بأيدي قوات الدعم السريع وحلفائها، دُفنت في مقبرة جماعية في دارفور.
كان مجلس الأمن قد أحال في 2005 الوضع في هذه المنطقة على المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة توقيف في حق الرئيس السابق عمر البشير بتهم بينها ارتكاب إبادة جماعية.
وقال كريم خان “قد نشهد وضعا (..) يتكرر فيه التاريخ نفسه”، معتبرا أنها “القصة الرهيبة نفسها التي دفعت هذا المجلس إلى إحالة الوضع في دارفور على المحكمة الجنائية الدولية في العام 2005”.
وأضاف أن “العبارة التي يتم ترديدها في غالب الأحيان +لن يتكرر ذلك أبدا+ يجب أن تعني شيئًا ما هنا والآن، لأبناء دارفور الذين يعيشون في حالة من عدم اليقين والمعاناة مع ندوب الصراع، منذ نحو عقدين”.
وفتح مكتبه الذي ينحصر تفويضه بدارفور “تحقيقا في الحوادث التي وقعت في سياق القتال الحالي”، وفق ما جاء في تقريره الذي أشار فيه إلى “مجموعة واسعة” من المعلومات المتعلقة بجرائم حرب وجرائم مفترضة ضد الإنسانية منذ بدء المعارك في نيسان/أبريل.
وقال المدعي العام “أريد أن أبعث رسالة واضحة إلى كل محارب، كل قائد، وكل جندي يمتلك سلاحا ويعتقد أن بإمكانه فعل ما يريد، مفادها أن مهاجمة المدنيين عمدا، ومهاجمة منازلهم وأعمالهم (…) هي جرائم يحظرها نظام روما” الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية.
واضاف أن ثمة “مجموعة واسعة من المعلومات” حول جرائم حرب مفترضة وجرائم ضد الإنسانية منذ اندلاع القتال في نيسان/أبريل”، مشيرا إلى أن خطر وقوع مزيد من الجرائم “تعزز بسبب التجاهل الواضح وطويل الأمد الذي أظهرته الجهات الفاعلة ذات الصلة لالتزاماتها، بما في ذلك حكومة السودان”.
“محاسبة”
تحدّث خان عن عمليّات نهب وإحراق منازل وإعدامات خارج نطاق القضاء، موضحا أنه أصدر “تعليمات” لمكتبه “من أجل إعطاء الأولويّة للجرائم ضدّ الأطفال والجرائم الجنسيّة والعنف القائم على النوع الاجتماعي”.
منذ 15 نيسان/أبريل، يخوض قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان حربا ضد الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع.
وطالبت الدول السبع المجاورة للسودان خلال قمة الخميس في مصر المانحين الدوليين بتقديم مساعدات لاستقبال أكثر من 700 ألف لاجئ فروا من الحرب في السودان التي أسفرت حتى الآن عن سقوط نحو ثلاثة آلاف قتيل ونزوح ثلاثة ملايين شخص.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها “تحيي” التحقيق الجديد للمحكمة الجنائية الدولية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان إنّ “الفظائع والعنف في دارفور تستحق أن يُحاسَب مرتكبوها”، موجها أصابع الاتّهام إلى قوّات الدعم السريع وحلفائها في “عمليّات قتل عرقيّة محدّدة الأهداف” في غرب دارفور وكذلك في مسألة الجثث التي عثِر عليها في مقبرة جماعية.
ودارفور منطقة شاسعة في غرب السودان دمرتها حرب أهلية اندلعت في 2003 بين نظام الغالبية العربية بقيادة عمر البشير ومتمردين من الأقليات العرقية ينددون بالتمييز. واستخدم البشير ضد التمرد ميليشيا الجنجويد التي أدت إلى ولادة قوات الدعم السريع.
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير وكذلك المسؤولين أحمد هارون وعبد الرحيم حسين منذ أكثر من عشر سنوات بارتكاب “إبادة جماعية” وجرائم ضد الإنسانية أثناء النزاع في دارفور.
والشخص الوحيد الذي مثل أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية حتى الآن هو علي محمد علي عبد الرحمن القائد السابق للجنجويد المعروف باسمه الحركي علي كوشيب.
وقال خان إنّ غياب العدالة في الجرائم المُرتكبة في دارفور في مطلع العقد الأوّل من القرن الحالي “زرع بذور هذه الحلقة الأخيرة من العنف والمعاناة”.
وحتّى قبل اندلاع المعارك الأخيرة، كان هناك “مزيد من التراجع في تعاون السلطات السودانيّة”، كما ورد في تقريره.
وهذا الاتهام رفضه الخميس المندوب السوداني لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث محمد مؤكّدا أنّ حكومته “تعاونت على الدوام مع المحكمة الجنائيّة الدوليّة”.
المصدر (أ. ف. ب +فرانس 24)