نيامي / تقلد الجمعة في جمهورية النيجر وزير الداخلية السابق محمد بازوم مهام مسؤوليته الجديدة بوصفه رئيسا منتخبا للجمهورية بعد فوزه بالانتخابات في فبراير/شباط الماضي منهيا بذلك فترتين رئاسيتين للرئيس المنتهية ولايته محمد إيسوفو. وأتى حفل تنصيب بازوم بعد يومين فقط من الإعلان عن إحباط “محاولة انقلاب” عسكري كانت تهدف لتقويض “الديمقراطية” الوليدة و”دولة القانون” في البلاد.
بعد يومين فقط على “محاولة انقلاب” في البلاد التي تضربها في السنوات الأخيرة أسوأ هجمات جهادية، أدى الجمعة رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم اليمين الدستورية في العاصمة نيامي في أول انتقال سلمي للسلطة بين رئيسين منتخبين في تاريخ البلاد. ويفترض أن يحضر عدد من رؤساء الدول الأفريقية مراسم أداء اليمين المقررة ظهر الجمعة لمحمد بازوم المقرب جدا من الرئيس المنتهية ولايته محمدو إيسوفو.
وعملية انتقال السلطة بين إيسوفو وبازوم هي الأولى بين رئيسين منتخبين بطريقة ديمقراطية في بلد اتسم تاريخه بالانقلابات ويشهد أسوأ هجمات جهادية وصفها بازوم في خطاب تنصيبه بأنها “جرائم حرب” يرتكبها “إرهابيون”. ومثل فرنسا، الشريكة المميزة في مكافحة الجهاديين في دول منطقة الساحل بما فيها النيجر، في حفل التنصيب وزير خارجيتها جان إيف لودريان.
وأدى بازوم المقرب جدا من الرئيس المنتهية ولايته محمدو إيسوفو، اليمين في المركز الدولي للمؤتمرات في العاصمة نيامي بحضور عدد من رؤساء الدول الأفريقية بينهم رئيس تشاد إدريس ديبي الذي أرسل منذ فترة قصيرة 1200 جندي إلى النيجر لمساعدتها على مكافحة الجهاديين.
وقال بازوم بعد أدائه اليمين الدستورية إن النيجر “تواجه وجود مجموعات إرهابية تجاوزت همجيتها كل الحدود” وتقوم “بارتكاب مجازر بحق المدنيين الأبرياء على نطاق واسع وترتكب أحيانا جرائم حرب حقيقية”. ورأى أن قادة هذه المجموعات الإرهابية “يخضعون لسيطرة دول أخرى”، مشيرا إلى أن أيا من قادة هؤلاء “لم يتقدم بشكاوى ضد دولتنا أو يتقدم بمطالب”.
ويواجه محمد بازوم التحدي الهائل المتمثل بالهجمات الجهادية التي تنفذها بشكل منتظم في بلاده جماعات تابعة لتنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية” في الجزء الغربي منها على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وجماعة بوكو حرام النيجيرية في شرق البلاد.
وحول تنظيم “الدولة الإسلامية” في الصحراء الذي قال إن قادته “من مواطني المغرب العربي” وله قواعد “في الأراضي المالية في منطقتي ميناكا وغاو”، رأى بازوم أن مكافحته “ستكون صعبة جدا ما لم تمارس الدولة المالية كامل سيادتها على هذه المناطق”. وقال إن “الوضع الحالي في مالي له تأثير مباشر على الأمن الداخلي لبلدنا”، مؤكدا أن “هذا هو السبب في أن أجندتنا الدبلوماسية ستتركز على مالي”.
وانتخب بازوم (61 عاما) في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 21 شباط/فبراير، بحصوله على 55 بالمئة من الأصوات في مواجهة الرئيس السابق ماهامان عثمان الذي لم يعترف بهزيمته ودعا إلى “تظاهرات سلمية”.
وقالت الحكومة إن مراسم التنصيب التي جرت في المركز الدولي للمؤتمرات في نيامي تأتي بعد فترة وجيزة من “محاولة انقلاب”. واقتحم جنود مسلحون ليل الثلاثاء الأربعاء منطقة مقر ومكاتب الرئاسة في نيامي. لكن الحرس الرئاسي تمكن من صدهم بعد تبادل لإطلاق النار لا سيما بالأسلحة الثقيلة. وقالت الحكومة إنه تم “اعتقال العديد من الأشخاص على صلة بمحاولة الانقلاب هذه ويتم البحث بجد عن آخرين”.
أكثر من 300 قتيل خلال ثلاثة أشهر
اتسم تاريخ النيجر الواقعة في منطقة الساحل وتعد واحدة من أفقر دول العالم وتشهد هجمات ارهابية تسفر عن سقوط العديد من القتلى، بالانقلابات العسكرية. ومنذ استقلال هذه المستعمرة الفرنسية السابقة في 1960، وقعت أربعة انقلابات: الأول في نيسان/أبريل 1974 ضد الرئيس ديوري هماني والأخير في شباط/فبراير 2010 وأطاح الرئيس محمدو تانجا، إلى جانب العديد من المحاولات الانقلابية.
وسيواجه محمد بازوم على الفور التحدي الهائل المتمثل بالهجمات الارهابية التي تنفذها بشكل منتظم في بلاده جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة و”الدولة الإسلامية” في الجزء الغربي منها على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وجماعة بوكو حرام النيجيرية في شرق البلاد.
وازدادت الهجمات على المدنيين منذ بداية العام في النيجر حيث قُتل أكثر من 300 شخص في ثلاث موجات من الهجمات على قرى ومخيمات في غرب البلاد على الحدود مع مالي. ووقع آخر هذه الهجمات الواسعة في 21 آذار/مارس في منطقة تاهوا وأسفرت عن مقتل 141 في ثلاث قرى للطوارق ومعسكرات مجاورة.
وتقع تاهوا الصحراوية والشاسعة شرق منطقة تيلابيري. والمنطقتان قريبتان من الحدود مع مالي، بينما تقع تيلابيري في ما يسمى بمنطقة “الحدود الثلاثة” بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو. وتتعرض باستمرار لهجمات الجماعات الجهادية.
واستبعد بازوم في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية مؤخرا أي حوار مع المتطرفين، مؤكدا أن الوضع في بلاده يختلف عن الوضع في مالي. وقال “لا يمكننا تصور أي حوار من أي نوع لأنه لا يوجد زعيم لتلك الجماعات المتطرفة نيجري واحد ولا قاعدة واحدة للمتطرفين على أراضينا”.
المصدر / فرانس24/ أ ف ب