أبوظبي : نجحت الإمارات السبت في تشغيل الوحدة الأولى من أول مفاعل نووي عربي سلمي. وبدأت محطة براكة للطاقة النووية في العمل بعد تأجيل متكرر لعدة سنوات للتثبت من إجراءات السلامة المرتبطة بمشروع الطاقة النووية في تلك الدولة الخليجية، والذي يشمل أربعة مفاعلات. وتسعى الإمارات وهي دولة نفطية كبيرة بهذا المشروع إلى تنويع مصادرها من الطاقة النظيفة وتعزيز موقعها كدولة مؤثرة على الساحتين الإقليمية والدولية.
أعلنت الإمارات السبت على لسان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في تغريدة على موقع تويتر عن نجاح تشغيل الوحدة الأولى من محطة براكة للطاقة النووية السلمية، الأولى في العالم العربي.
وتملك الإمارات احتياطات كبرى من النفط. وقامت أيضا باستثمارات كبرى في تطوير مصادر بديلة من الطاقة بينها الطاقة الشمسية. وكان من المفترض ان يبدأ تشغيل أول المفاعلات الأربعة في المحطة النووية قبل سنوات، لكن جرى التاجيل عدة مرات على خلفية إجراءات السلامة المرتبطة بالمشروع الضخم إلى أن منحت المؤسسة المشغلة الضوء الأخضر في فبراير/شباط الماضي.
وينطلق البرنامج النووي السلمي في وقت تمر المنطقة بسلسلة من الاضطرابات السياسية على خلفية النزاع مع الجارة النووية إيران والإمارة قطر، والعسكرية بسبب استمرار حرب اليمن، والاقتصادية بعد تراجع أسعار النفط وفي ظل الإغلاقات المرتبطة بفيروس كورونا. كما يأتي بعد أيام من إرسال الدولة الخليجية الساعية لترسيخ نفوذها الإقليمي مهمة استكشاف غير مسبوقة عربيا إلى مدار المريخ.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تغريدته على تويتر “نعلن اليوم عن نجاح دولة الإمارات في تشغيل أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي (…) في محطات براكة للطاقة النووية بأبوظبي”. وأكّد “نجحت فرق العمل في تحميل حزم الوقود النووي وإجراء اختبارات شاملة وإتمام عملية التشغيل بنجاح”.
من جهته، كتب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة على تويتر أيضا “حققنا نقلة نوعية في قطاع الطاقة الإماراتي وخطوة مهمة على طريق استدامة التنمية، بأيدي كفاءاتنا الوطنية”. وشدّد على أنّ “المحطة الأولى من محطات براكة للطاقة النووية السلمية تبدأ عملياتها التشغيلية وفق أعلى معايير السلامة العالمية”.
أول دولة عربية
هذا أول إعلان من نوعه في العالم العربي. وكانت السعودية، أكبر مصدّر للنفط الخام في العالم، قد أعلنت عن نيتها بناء 16 مفاعلا نوويا، ولكن المشروع لم يبدأ حتى الآن.
وياتي تشغيل المفاعل الأول بعد نحو أسبوعين من إرسال الإمارات مسبارا إلى مدار كوكب المريخ لاستكشاف مناخه، في مهمة غير مسبوقة في العالم العربي، علما أن الدولة الخليجية أرسلت في 2019 رائدا إلى محطة الفضاء الدولية لأول مرة عربيا كذلك.
وأكد المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حمد الكعبي السبت “بدأت عملية تشغيل المفاعل الأول في محطة براكة للطاقة النووية بنجاح، إنجاز لدولة الإمارات (..)بهدف توفير مصدر جديد ونظيف للطاقة في دولة الإمارات”.
وبحسب الكعبي فإنه بتشغيل المفاعل “تصبح الإمارات الدولة العربية الأولى التي تشغل مفاعلات طاقة نووية والدولة 33 على مستوى العالم”، مضيفا “برنامج الإمارات هو أول برنامج جديد وناجح للطاقة النووية منذ أكثر من ثلاثة عقود على مستوى العالم”. وتقع محطة “براكة” غرب أبوظبي. وقد تولى كونسورسيوم بقيادة “كيبكو” الكورية بناءه في اتفاق بلغت قيمته نحو 24,4 مليار دولار.
وفي 17 فبراير/شباط، أعلنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية في الإمارات إصدار رخصة تشغيل للوحدة الأولى من محطة “براكة” للطاقة النووية. وعند اكتمال تشغيله، فإن مفاعلات الطاقة الأربعة ستؤدي إلى توفير نحو 25 بالمئة من احتياجات الإمارات من الكهرباء، بحسب مؤسسة الإمارات للطاقة النووية.
وستسهم المحطات الأربع فور تشغيلها في تزويد دولة الإمارات “بطاقة كهربائية آمنة وموثوقة وصديقة للبيئة كما ستحد المحطات من انبعاث 21 مليون طن من الغازات الكربونية سنويا”، بحسب مسؤولين.
تتطلّع دولة الإمارات الى أن يسهم البرنامج النووي في إنتاج الكهرباء، لكنّها تأمل أيضا في أن يعزز هذا البرنامج الطموح موقعها كدولة مؤثرة على الساحتين الإقليمية والدولية.
والإمارات واحدة من أكبر عشر دول منتجة للنفط الخام أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبك)، ولكنها أنفقت مليارات الدولارات لتطوير مصادر طاقة متجددة.
وتعد الإمارات رابع أكبر منتج للنفط الخام في “أوبك”، ولكنها أنفقت مليارات الدولارات لتطوير مصادر طاقة متجددة.
ويقول محلل مختص في شؤون الخليج طلب عدم الكشف عن اسمه “مع اكتمال المفاعل النووي، ستكون الإمارات أول دولة عربية مع برنامج طاقة نووية سلمية متطور”.
ويتابع “هذا جزء من مسعى الإمارات لتنويع اقتصادها المعتمد على الطاقة وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري، وتقديم نفسها كرائد إقليمي في مجال العلوم والتكنولوجيا”.
بهذا الإنجاز أصبحت دولة الإمارات الأولى في العالم العربي والثالثة والثلاثين على مستوى العالم، التي تنجح في تطوير محطات للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على نحو آمن وموثوق وصديق للبيئة، حيث تساهم محطات براكة بشكل كبير في جهود الدولة الخاصة بتوفير الطاقة الكهربائية بالتزامن مع خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن إنتاج الكهرباء. الصورة: من المصدر
تشغيل أولى محطات الطاقة النووية في الإمارات
وبهذا الإنجاز أصبحت دولة الإمارات الأولى في العالم العربي والثالثة والثلاثين على مستوى العالم، التي تنجح في تطوير محطات للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء على نحو آمن وموثوق وصديق للبيئة، إذ تساهم محطات براكة بشكل كبير في جهود الدولة الخاصة بتوفير الطاقة الكهربائية بالتزامن مع خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن إنتاج الكهرباء. وعند تشغيلها بشكل كامل، ستنتج محطات براكة الأربع 5.6 غيغاواط من الكهرباء وستحد من 21 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنويًا، وهو ما يعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من طرق الدولة كل عام.
ومنذ انطلاق “البرنامج النووي السلمي الإماراتي” عام 2009، تعاونت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بشكل وثيق مع المؤسسات والجهات الدولية المتخصصة بقطاع الطاقة النووية، مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والرابطة العالمية للمشغلين النوويين، وفي إطار متطلبات الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، إذ أجرت الهيئة أكثر من 255 عملية تفتيش لضمان التزام محطات براكة والموظفين والعمليات بأعلى معايير السلامة والجودة، بينما أجرت كل من الوكالة الدولية للطاقة الذرية والرابطة العالمية للمشغلين النوويين أكثر من 40 عملية مراجعة وتقييم.
وكانت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية أعلنت حديثًا عن اكتمال الأعمال الإنشائية في المحطة الثانية في براكة وتسليمها لشركة نواة للطاقة تمهيدًا لبدء مرحلة الاستعدادات التشغيلية، بينما وصلت الأعمال الإنشائية في المحطتين الثالثة والرابعة إلى مراحلها النهائية، فيما وصلت النسبة الكلية للإنجاز في المحطات الأربع إلى أكثر من 94 بالمئة.
المصدر : وكالات /أف ب /فرانس24