كثيراً ما تهتم اليوم الجهات الداعمة للاستثمار في رأس المال البشري إلى حد كبير على خصائص رجال الأعمال ومهاراتهم وخبراتهم ومعرفته واستعداهم وربما شغفهم والتزامهم العميق بالأدوار التي يلعبونها كمنظمين في هذه الأعمال إن إدارة الموارد البشرية أصبحت الآن تعني إدارة الكفاءة والخبرة حيث أن المنظمات الحديثة لم تعد تهتم بالمورد البشري غير المؤهل وغير الكفؤ حيث أن أصحاب الكفاءة والخبرة والمهارة هم الذين يتحملون مسؤولية المنظمة ويتحملون مسؤولية عوامل التغيير حيث أن السبب الرئيس في فضل الكثير من المنظمات في العقود السابقة يرجع بدرجة كبيرة إلى قلة وجود أصحاب الخبرة والكفاءة أما تعريف الخبرة في العلوم السلوكية
فقد وضع العلماء السلوكيين عدة تعريفات لها تعتمد على مفاهيم المعرفة والمهارة والأداء، فمنهم من عرف الخبرة على أنها “المعرفة في مجال محدد، والفهم لمشاكل معينة ومهارات لحل بعض هذه المشاكل أو بأنها قضاء مدة طويلة في منصب معين أو مهمة معينة حيث أن الزيادة في التعود على المهمة تؤدى إلى درجة أكبر من الخبرة، فالخبرة تزيد لأن التعود أو الخبرة بالموضوع تقلل من جهود الفهم اللازمة لمتخذ القرار . وقد ربطت أغلب الد راسات السلوكية بين المعرفة و الخبرة ولا شك أن اكتساب المعرفة الفعلية يأتي مع ممارسة المهمة أي أن الموظف الذي يقضي سنوات في استخدام الإجراءات العملية يصبح أكثر قدرة على الأداء ويعتبر خبير باكتسابه المعرفة العملية وفي مجال الأعمال
فقد ارتبط مفهوم الخبرة بشكل صريح وضمني بالعنصر البشري نظراً لعلاقة الخبرة بتحليل أداء العنصر البشري والمهام الوظيفية وبدرجة الاعتمادية على الموظف، ولعلاقتها الوثيقة بأنشطة التدريب والتعلم داخل المنظمة وبتصميم العمل في المنظمة بشكل كامل، إن هذه الفروع المرتبطة بالعنصر البشري تدلل على أن الخبرة سمة من سمات الفرد والجماعات والتي تؤثر في جودة أداء الأفراد ودرجة الاعتماد عليهم داخل المنظمة، لذا فانه من الممكن تعريف الخبرة على أنها المهارات والمعارف أو القدرات التي يتمتع بها الفرد واللازمة لتنفيذ المهام والأنشطة والوظائف والخبرة هي أحد العوامل التي تؤثر على فعالية أدائه حيث أنها تشير إلى المعرفة والمهارات والقدرات التي يتمتع بها أعضاء هذه الجماعة، فكلما كان أعضاء المنظمة ذوي خبرة كلما كانت فعالية أدائهم أعلى .
وعلى الرغم من وجود تعريفات مختلفة للخبرة إلا أنه يمكن حصرها في وجهتي نظر فقط، الأولى تعرف الخبرة على أساس المعرفة والإدراك بأنها حيازة الفرد لمعرفة في المفاهيم والإجراءات والتي يمكن استخدامها بسهولة بالإضافة إلى وجود مهارات رقابية عالية والقدرة المنظمة الذاتية،
أما وجهة النظر الأخرى فتتناول مفهوم الخبرة على أساس الأداء فهي القدرة والممارسة والأداء النوعي في مجال عمل محدد، ومن خلال وجهتي النظر السابقتين نجد أنه لا يوجد اختلاف كبير بينهما فالتعريف الأول يعتمد على المعرفة والإدراك ويفترض أنها تؤدي إلى أداء بمستوى عالي بينما التعريف الآخر يعزز ويقيس الأداء ويفترض أنه نتيجة لسمات المعرفة التي يمتلكها الفرد ولا تظهر الخبرة بسهولة، فهي تتكون داخل الفرد نتيجة لتأثيرها في تشكيل المواقف من الرغبة والأغراض، ويكون لهذه الخبرة أثر يؤدي إلى تغييرات في درجة من الظروف الموضوعية التي بموجبها تنتج الخبرات
فالخبرة تحدث دائما بسبب التفاعل الذي يحدث ما بين الفرد وبيئته، والبيئة هي ظروف تتفاعل مع احتياجات الفرد، رغباته، أغراضه وقدراته لخلق وتوليد ما يسمى بالخبرة وستصبح الخبرة العنصر الأكثر قيمة في المنظمات، فهي يمكن أن تكون منتج، أو الدعم اللازم للمنتج أو الخدمة فهي ذات قيمة عالية من وجهة نظر المستهلك لذا نرى تزايد في الطلب على الخبرات، وحينما تدرك الشركات والمنظمات ذلك فإنها ستتمكن من تحقيق الميزة التنافسية .
مقال للدكتور بِقَلَم د.عَبْدَالكَرِيمُ مُحَمَّدُ الرَّوْضِيِّ
كوالالمبور _ماليزيا…..