إن كثير من الوظائف في العصر الحديث معقدة وتتطلب معرفة منهجية للمفاهيم الصعبة وقدرات متنوعة للاستجابة بسرعة لمطالب تنفيذ المهمة وتعرف القدرة على أنها إمكانية أن ينجز العاملون أعمالهم الموكلة إليهم بأنفسهم وأن يكونوا أكثر مهارة وأكثر ثقة في أنفسهم وأكثر فاعلية في التنظيم وتسعى كثير من المنظمات في الوقت الحالي إلى أن تصبح متجانسة على نحو متزايد فيما يتعلق بالمعرفة والمهارات والقدرات وغيرها من الخصائص لدى موظفيها وتبين البحوث أن رأس المال البشري العام يشير إلى قدرة أفضل على حل المشاكل والقدرة على التعليم وإمكانية اتخاذ قرارات أفضل ويمكن بناء القدرات الإدارية من خلال الاهتمام الجيد بالمسؤوليات والأدوار لأطراف عملية التنمية والاهتمام بعملية التنظيم والتنسيق فيما بينها مع الاستخدام الفعال والأمثل للتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ويمكن معرفة مدى قدرة المنظمة من خلال قدرتها على استخدام الموارد المتاحة لها لتحقيق أهدافها المرسومة وتمثل القدرات النتيجة الجيدة لاستخدام مورد أو موارد متعددة ويقسم بعض المختصين القدرات إلى نوعين رئيسين هما :
- القدرات التنظيمية وتشير إلى القدرات المتعلقة بأداء نشاطات المنظمة التي تصب في تحقيق أهدافها .
- القدرات الفردية وتشير إلى القدرات المرتبطة بشخصية الفرد .
لذلك يتباين الأفراد في امتلاكها كما يشير مفهوم القدرات إلى كفاءة المنظمة في تنسيق مواردها مواردها ووضعها قيد الاستخدام الإنتاجي وتكمن القدرة التنافسية للمنظمات الحقيقة في الأصول غير الملموسة وتعبر القدرات التنظيمية عن مدى قدرة أفراد المنظمة على استيعاب ودمج وتحويل المعرفة الداخلية والخارجية لخلق وإيجاد أفكار جديدة ولا ترتبط بمهام محددة ولكنها تتصل بالقدرة على التعامل مع مختلف البيئات المعقدة وغير المؤكدة وتشير نظرية رأس المال البشري إلى قدرة الأفراد على استخراج الفوائد من العلاقات الشخصية بين العاملين وتوظيفها لصالح المنظمة وتحسين الأداء ويمكن تلخيص القدرات التنظيمية بأنها نشر وتجميع ودمج وتنسيق المعارف والمهارات لتنفيذ الأهداف الاستراتيجية وعليه يمكن تقسيم القدرات في المنظمات إلى ثلاثة أقسام: - القدرة الاستيعابية:
- إن المصادر الخارجية للمعرفة غالباً ما تكون حاسمة في العملية الإدارية، حيث تعد القدرة على استغلال المعرفة الخارجية مكون أساسي للقدرات الإدارية، هذه القدرة التي تعرف بأنها القدرة على إدراك قيمة المعلومة واستيعابها وتطبيقها كما تشير القدرة الاستيعابية إلى القدرة على التعلّم عن طريق إدراك المعلومات الجديدة وهضمها أو استيعابها ثم استخدامها حيث لوحظ أن المؤسسة تكون أكثر قدرة على إدراك واستغلال المعلومات الجديدة ذات الصلة بالمنتجات أو الخدمات من خلال المشاركة المباشرة ومن مصادر القدرات الاستيعابية كما هو الحال عند إرسال الأفراد للتدريب إن القدرة الاستيعابية تشير ليس فقط إلى اقتناء أو استيعاب المعلومات من قبل منظمة ولكن كذلك إلى قدرة المنظمة على استغلالها لذلك القدرة الاستيعابية للمنظمة لا تتوقف على تفاعل المنظمة مباشرة مع البيئة الخارجية بل هي ترتبط كذلك بنقل المعرفة عبر وداخل الوحدات الصغرى لفهم مصادر القدرات الاستيعابية للمؤسسة، وكذلك على خصائص وتوزيع الخبرات داخل المنظمة ولذا فإن القدرة على الاستيعاب تمثل المقدرة على الامتصاص ومضاعفة اكتساب المعارف الجديدة من المعارف الخارجية، وأشكال عوائد قابلية الاستيعاب تمتد إلى عملية الاستثمار والتراكم المعرفي في المؤسسة، ولذلك فالتنمية الداخلية المستمرة للقدرات يتوقف على مدى استيعاب المعارف الضرورية للمؤسسة من أجل إنجاح استغلال أقصى حد للمعرفة .
- القدرة على التكيف: مفهوم القدرة على التكيف هو القدرة على مواكبة التغير البيئي الذي ينتج عنه انحرافات في الأوضاع المنظمية، لتحديد ما هو جديد وما الذي يجب معرفته . وفي المقابل تعد المعرفة المنظمية ظاهرة اجتماعية تنشأ من التفاعل الاجتماعي، الناتجة عن الحوار عبر الوظائف، وبين الجماعات، مما يؤدي إلى استيعاب أكثر للمعرفة، لأن التعلم من خلال البيئة الخارجية يتطلب هياكل الاستيعاب التنظيمي، والذي سينتج عنها قدرة تكيفية مستمرة أو أنها قابلة للتجديد بشكل أكبر لأن الإجراءات التنظيمية تتطور بشكل متزايد و هذا التغيير يجب أن يقابل في بيئة العمل بتوليد أفكار إبداعية وبالتالي يحدث التكيف من خلال تبني فكرة جديدة، فينبغي أن تكون المنظمات المتعلمة أكثر قدرة على التكيف مع المستجدات في البيئة الداخلية والخارجية، إبتداء بالتكيف مع تقديم الأفكار الجديدة، مروراً بالتكيف مع التغييرات في إستراتيجية المنظمة وثقافتها والتقانة المستخدمة فيها وهيكلها التنظيمي ونظم العمل فيها وإجراءاته، وانتهاء بالتعلم من النجاح والفشل في تطبيق تلك الأفكار والتغييرات .
- القدرة على التفكير: تشير القدرة على التفكير إلى توليد الأفكار، فالحاجة إلى الحل للمشكلات تكون لازمة عندما تواجه المؤسسة تحدياً أو مشكلة وتسعى عندها لأفكار جديدة لأنه ليس لديها حل مسبق تعرفه وتستخدمه. ولكي تتمكن من حل المشكلات بكفاءة يجب على مسئوليها استخدام كل من التفكير التباعدي والتفكير التقاربي حيث أن التفكير التباعدي يصل بهم إلى حلول عديدة ومتنوعة وغير تقليدية بينما التفكير التقاربي يجعلهم يحللون ويقيمون ويطورون هذه الحلول والبدائل من أجل التوصل لحكم صائب وقرار ذي فعالية، فتوليد العديد من الأفكار لا يساعد وحده على حل المشكلة، وكذلك تحليل وتقييم عدد محدود من الآراء لا يتيح أفضل الفرص في الوصول لحل مناسب، ولذلك يكون التكامل بين نوعي التفكير التباعدي والتقاربي هو الأسلوب الأمثل، وهذا ما يحقق لها الحل الإبداعي للمشكلات .
ومن هنا يجب على المنظمات إعادة النظر في مفهوم القدرات ومحاولة الوصول للمفهوم السليم وترسيخه في الثقافة المنظمية داخلها .